فصل: بَابُ الْعَقِيقَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



.بَابُ الْهُدْنَةِ:

(سُئِلَ) عَنْ جَوَازِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ لِلذُّرِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ فِيهِ وَجْهَانِ أَيُّهُمَا أَصَحُّ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصَحَّهُمَا جَوَازُهُ كَذَلِكَ كَالْمَالِ.

.بَابُ الذَّكَاةِ:

(سُئِلَ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ مِنْهُ جَمَلٌ أَوْ غَيْرُهُ فَخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ فَقَالَ لِرَجُلٍ يَا فُلَانُ انْحَرْهُ أَوْ اذْبَحْهُ ثُمَّ إنَّ الرَّجُلَ نَحَرَ الْجَمَلَ أَوْ ذَبَحَ الْبَقَرَةَ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ أَنَّ الْمَرِيءَ أَوْ بَعْضَهُ بَاقٍ فَهَلْ يَحِلُّ الْحَيَوَانُ بِهَذَا النَّحْرِ أَوْ الذَّبْحِ أَوْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِتَحْرِيمِهِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْفَاعِلُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْحَيَوَانُ بِهَذَا النَّحْرِ أَوْ الذَّبْحِ وَيَضْمَنُهُ الْفَاعِلُ لِخَطَئِهِ فَهُوَ مَقْصُودٌ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ ذَبَحَ شَاةً بِسِكِّينٍ كَآلَّةٍ فَقَطَعَتْ بَعْضَ الْوَاجِبِ قَطْعُهُ ثُمَّ أَدْرَكَهُ ذَابِحٌ آخَرُ بِسِكِّينٍ أُخْرَى فَأَتَمَّ بِهَا الذَّبْحَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْأَوَّلُ يَدَهُ هَلْ تَحِلُّ كَمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الدِّيرِينِيِّ فِي كِتَابِهِ الدُّرَرِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ قَبْلَ ذَبْحِ الثَّانِي أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحِلُّ الذَّبِيحَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عِنْدَ شُرُوعِ الثَّانِي فِي الْقَطْعِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ.
(سُئِلَ) هَلْ إذَا رُفِعَتْ يَدُ الذَّابِحِ قَبْلَ تَمَامِ الذَّبْحِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَاضْطِرَابِ الدَّابَّةِ أَوْ انْحِلَالِ وَثَائِقِهَا فَعَادَ فَوْرًا، وَأَتَمَّ الذَّبْحَ تَحِلُّ الذَّبِيحَةُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَعَمْ تَحِلُّ.
(سُئِلَ) عَنْ ذَبَائِحِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي زَمَانِنَا هَلْ تَحِلُّ أَوْ لَا، وَهَلْ إذَا أَخْبَرَ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ هَلْ تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَحِلُّ، لِعَدَمِ مَعْرِفَتِنَا شَرْطَ حِلِّهَا فَإِنْ ثَبَتَ كَوْنُ الذَّابِحِ إسْرَائِيلِيًّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ مِنَّا أَوْ إخْبَارِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ مِنْهُمْ أَنَّ كَوْنَ أَوَّلِ آبَائِهِ دَخَلَ فِي دِينِهِ قَبْلَ نَسْخِهِ وَتَحْرِيفِهِ أَوْ بَيْنَهُمَا وَتَجَنَّبَ الْمُحَرَّفَ، حَلَّتْ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَيَحِلُّ الِاصْطِيَادُ بِجَوَارِحِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ كَكَلْبٍ وَفَهْدٍ وَبَازٍ وَشَاهِينِ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مُعَلَّمَةً بِأَنْ تَنْزَجِرَ جَارِحَةُ السِّبَاعِ بِزَجْرِ صَاحِبِهَا وَتَسْتَرْسِلَ بِإِرْسَالِهِ وَتُمْسِكَ الصَّيْدَ وَلَا تَأْكُلَ مِنْهُ شَرْطَانِ أَوْ شَرْطٌ وَاحِدٌ وَيَكُونُ الشَّرْطُ الرَّابِعُ هُوَ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ بَعْدُ، وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الْأُمُورِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِأَنَّ مَسْكَ الصَّيْدِ شَرْطٌ وَعَدَمَ الْأَكْلِ مِنْهُ شَرْطٌ آخَرُ فَكَيْفَ يَأْتِي قَوْلُ الْمُصَحِّحِ إنَّ الْإِمَامَ اشْتَرَطَ أَمْرًا خَامِسًا وَهُوَ انْطِلَاقُهَا بِإِطْلَاقِ صَاحِبِهَا إنَّمَا يَكُونُ هَذَا عَلَى ذَلِكَ سَادِسًا لَا خَامِسًا، وَأَيًّا مَا كَانَ فَهَذَا نَقَلَهُ الْمُصَحِّحُ عَنْ الْإِمَامِ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْإِرْسَالِ الْإِذْهَابُ وَالِاسْتِرْسَالِ الرَّوَاحُ وَالذَّهَابُ، وَذَلِكَ بِعَيْنِهِ هُوَ حَقِيقَةُ الْإِطْلَاقِ وَالِانْطِلَاقِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَحِّحَ قَالَ فَلَوْ انْطَلَقَتْ بِنَفْسِهَا لَمْ تَكُنْ مُتَعَلِّمَةً قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ لَمْ يَحِلَّ فَاسْتَدَلَّ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى حُكْمِ مَسْأَلَةِ الِانْطِلَاقِ بِقَوْلِ الْمِنْهَاجِ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ بِنَفْسِهِ فَاقْتَضَى أَنَّ الِانْطِلَاقَ غَيْرُ الِاسْتِرْسَالِ فَالْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَالْقَصْدُ شِفَاءُ الْغَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ وَيُمْسِكُ الْمَصِيدَ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ أَفَادَ بِهِ شَرْطَيْنِ أَوَّلُهُمَا أَنَّهُ يُمْسِكُ الصَّيْدَ وَلَا يُخَلِّيهِ يَذْهَبُ بِهِ.
وَثَانِيهِمَا أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الْأُمُورِ بِحَيْثُ يَظُنُّ تَأَدُّبَ الْجَارِحَةِ فَبَيَّنَ بِهِ وَقْتَ اعْتِبَارِ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ خَامِسٌ لَا سَادِسٌ، وَالشُّرُوطُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمِنْهَاجِ شُرُوطٌ لِصَيْرُورَةِ الْجَارِحَةِ مُعَلَّمَةً وَيُشْتَرَطُ أَمْرٌ خَامِسٌ فِي حِلِّ مَا اصْطَادَتْهُ الْمُعَلَّمَةُ أَنْ لَا تَنْطَلِقَ بِنَفْسِهَا فَلَوْ انْطَلَقَتْ بِنَفْسِهَا فَقَتَلَتْ صَيْدًا لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ فَالْخَامِسُ شَرْطٌ لِحِلِّهِ لَا لِتَعَلُّمِهَا، وَقَوْلُهُ لَمْ تَكُنْ مُعَلَّمَةً يَعْنِي لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ لَا أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا مُعَلَّمَةً بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ لَمْ يَحِلَّ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ فِي هَذَا الْبَابِ: فَرْعٌ: إذَا رَمَى طَيْرَ الْمَاءِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ حَلَّ، وَالْمَاءُ لَهُ كَالْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَاءِ وَوَقَعَ فِيهِ بَعْدَ إصَابَةِ السَّهْمِ فَفِي حِلِّهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْحَاوِي، وَقَطَعَ فِي التَّهْذِيبِ بِالتَّحْرِيمِ، وَفِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ بِالْحِلِّ. اهـ.
هَلْ هَاتَانِ الصُّورَتَانِ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّامِي فِي الْبَرِّ أَوْ فِي الْبَحْرِ أَوْ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ: فَلَوْ كَانَ الطَّائِرُ فِي هَوَاءِ الْبَحْرِ قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ: إنْ كَانَ الرَّامِي فِي الْبَرِّ لَمْ يَحِلَّ، وَإِنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ حَلَّ. اهـ.
هَلْ هَذَا الْقَيْدُ لِمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ الْعَقْلِيَّةَ تَقْتَضِي أَرْبَعَ صُوَرٍ أَنْ يَكُونَ الرَّامِي فِي الْبَحْرِ وَالطَّيْرُ فِيهِ أَوْ كِلَاهُمَا فِي الْبَرِّ أَوْ أَحَدُهُمَا وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ بَيِّنُوا ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لَا فَرْقَ فِيهِمَا بَيْنَ كَوْنِ الرَّامِي فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبَرِّ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْتَهُ الْحُكْمَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ ذَبَحَ ذَبِيحَةً فَأَزَالَ رَأْسَهَا هَلْ تَحِلُّ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَحِلُّ.
(سُئِلَ) عَنْ بَقَرَةٍ خَرَجَ مِنْ فَرْجِهَا بَعْضُ الْجَنِينِ فَذَبَحَهُ شَخْصٌ هَلْ يَحِلُّ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحِلُّ الْجَنِينُ الْمَذْكُورُ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَخْرَجَ السَّبُعُ حَشْوَةَ الشَّاةِ، وَأَبَانَهَا وَذُبِحَتْ وَفِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ هَلْ يَحِلُّ أَكْلُهَا أَمْ لَا وَمَا الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحِلُّ الشَّاةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ فِي الْمَذْكُورَةِ تُعْرَفُ بِالْإِبْصَارِ وَالْحَرَكَةِ الِاخْتِيَارِيَّيْنِ.

.بَابُ الْأُضْحِيَّةِ:

(سُئِلَ) الْغَالِبُ فِي هَذَا الزَّمَانِ قَطْعُ أَلْيَةِ غَنَمِ الضَّأْنِ مِنْ طَرَفِهَا، وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّ الْأَلْيَةَ تَكْبَرُ بِذَلِكَ فَهَلْ تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِمَا هُوَ كَذَلِكَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَقْطُوعُ يَنْسَحِبُ عَلَى الْأَرْضِ أَمْ لَا كَبِرَتْ بِهِ الْأَلْيَةُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِمَقْطُوعِ طَرَفِ الْأَلْيَةِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ يَسِيرٌ عُرْفًا مِنْ عُضْوٍ كَبِيرٍ لَاسِيَّمَا وَهُمْ إنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِأَجْلِ كِبَرِ الْأَلْيَةِ فَهُوَ كَقَطْعِ الْبَيْضَتَيْنِ.
(سُئِلَ) هَلْ تَتَأَدَّى سُنَّةُ التَّضْحِيَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ سَكَنُوا فِي بَيْتٍ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمْ قَرَابَةٌ بِتَضْحِيَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ؟
(فَأَجَابَ) نَعَمْ تَتَأَدَّى، وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِي حَقِّ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ مِنْهُمْ.
(سُئِلَ) هَلْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ يُوَكِّلُ مُسْلِمًا فِي الذَّبْحِ وَالنِّيَّةِ أَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ مُسْلِمًا فِي النِّيَّةِ وَآخَرَ فِي الذَّبْحِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْإِرْشَادِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي النِّيَّةِ مُسْلِمًا مُمَيِّزًا وَيُوَكِّلَ فِي الذَّبْحِ غَيْرَهُ كَمَا لَوْ وَكَّلَ فِي الذَّبْحِ وَنَوَى هُوَ فَقَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ تَمْثِيلٌ لَا تَقْيِيدٌ إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ تَفْوِيضِهِمَا وَتَفْوِيضِ النِّيَّةِ فَقَطْ فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَا تَمَكَّنَ الشَّخْصُ مِنْ فِعْلِهِ جَازَ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ مَنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ لِنَفْسِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ الْغَنِيِّ إذَا أُهْدِيَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ زَوْجَتَهُ مِنْهُ وَأَوْلَادَهُ أَمْ يَخُصَّ بِهِ نَفْسَهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ تَعْبِيرُهُمْ بِالْأَكْلِ وَالْإِطْعَامِ وَهَلْ قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَنْعُ الْأَغْنِيَاءِ مِنْ إيثَارِ غَيْرِهِمْ، وَهُوَ بَعِيدٌ ظَاهِرٌ لِعُمُومِ الْإِيثَارِ فِي الْأَوْلَادِ وَغَيْرِهِمْ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ مِنْهُ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ وَنَحْوَهُمْ؛ لِأَنَّ إطْعَامَهُ فِيهَا تَمْلِيكٌ لَهُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِجَوَازِ الْإِهْدَاءِ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ لِلْأَغْنِيَاءِ وَهُوَ يُفِيدُ الْمِلْكَ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ الْأَغْنِيَاءِ شَيْئًا مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُمَلِّكُهُمْ ذَلِكَ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَعِبَارَةُ الْوَجِيزِ: وَلَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ الْأَغْنِيَاءِ لِلْبَيْعِ. اهـ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى أَنَّ الْإِهْدَاءَ إلَيْهِمْ إبَاحَةٌ لَا مِلْكَ فِيهِ لِلْمَهْدِيِّ إلَيْهِ وَلَا لِلْمُهْدِي.
(سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ نَقْلُ الْأُضْحِيَّةِ عَنْ بَلَدِ التَّضْحِيَةِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا وَلَوْ أُضْحِيَّةَ تَطَوُّعٍ بَلْ يَتَعَيَّنُ فُقَرَاءُ بَلَدِهَا؛ لِأَنَّ أَطْمَاعَهُمْ تَمْتَدُّ إلَيْهَا لِكَوْنِهَا مُؤَقَّتَةً بِوَقْتٍ كَالزَّكَاةِ بِخِلَافِ نَقْلِ الْمَنْذُورِ وَنَحْوِهِ.
(سُئِلَ) هَلْ تُجْزِئُ الْأُضْحِيَّةُ بِالْحَامِلِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يُهْزِلُهَا؛ وَلِأَنَّ لَحْمَهَا رَدِيءٌ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْمَشْهُورُ بِأَنَّهَا تُجْزِي؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ بِهَا مِنْ نَقْصِ اللَّحْمِ يُجْبَرُ بِالْجَنِينِ فَهُوَ كَالْخَصِيِّ فَقَدْ رُدَّ بِأَنَّ الْجَنِينَ قَدْ لَا يَبْلُغُ حَدَّ الْأَكْلِ كَالْمُضْغَةِ بِأَنَّ زِيَادَةَ اللَّحْمِ لَا تَجْبُرُ عَيْبًا بِدَلِيلِ الْعَرْجَاءِ السَّمِينَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مَلَكَ شَاةً، وَقَالَ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ أَوْ جَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً وَلَوْ عِنْدَ الذَّبْحِ هَلْ تَصِيرُ بِذَلِكَ وَاجِبَةً، وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ مِنْهَا، وَإِنْ نَوَى بِهِ التَّطَوُّعَ لِتَلَفُّظِهِ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ يَحْرُمُ الْأَكْلُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ بِالنَّذْرِ ابْتِدَاءً أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الشَّاةَ الْمَذْكُورَةَ تَصِيرُ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ أُضْحِيَّةً، وَقَدْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ.

.بَابُ الْعَقِيقَةِ:

(سُئِلَ) هَلْ يَحْرُمُ حَلْقُ الذَّقَنِ وَنَتْفِهَا أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَلْقَ لِحْيَةِ الرَّجُلِ وَنَتْفَهَا مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ، وَقَوْلُ الْحَلِيمِيِّ فِي مِنْهَاجِهِ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْلِقَ لِحْيَتَهُ وَلَا حَاجِبَيْهِ ضَعِيفٌ.
(سُئِلَ) عَنْ تَثْقِيبِ آذَانِ الصَّبِيَّةِ لِتَعْلِيقِ الْحَلَقِ فِيهَا هَلْ يَحْرُمُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ التَّثْقِيبُ الْمَذْكُورُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ: لِأَنَّهُ جُرْحٌ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ إلَّا أَنْ تَثْبُتَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ رُخْصَةٌ وَلَمْ تَبْلُغْنَا. اهـ.
لَكِنْ شَاحَحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَفِي الرِّعَايَةِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَجُوزُ تَثْقِيبُ آذَانِ الصَّبِيَّةِ لِلزِّينَةِ وَيُكْرَهُ ثَقْبُ آذَانِ الصَّبِيِّ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِتَثْقِيبِ آذَانِ الصَّبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(سُئِلَ) هَلْ يَحْرُمُ حَرْقُ الْجِلْدَةِ الْمَقْطُوعَةِ لِلْخِتَانِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ حَرْقُهَا لِاحْتِرَامِهَا وَلِهَذَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهَا وَيُسَنُّ دَفْنُهَا.
(سُئِلَ) عَنْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ هَلْ يَجُوزُ خِتَانُهُ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ نَبَتَ لَهُ كَفَّانِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الْأَصْلِيَّةُ ثُمَّ سَرَقَ نِصَابًا حَيْثُ تُقْطَعُ إحْدَاهُمَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ خِتَانُهُ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ لَا يَجُوزُ بِالشَّكِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ أَنَّ الْحَقَّ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْآدَمِيِّ وَحُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاحَحَةِ وَالْمُضَايَقَةِ، وَالْحَقُّ فِي الْخِتَانِ مُتَعَلِّقٌ بِالْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَحُقُوقُهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالْمُسَاهَلَةِ.